لمساواة بين الرجل والمرأة هي دعوة نشأت في الغرب العلماني الذي تخالف نشأته وظروفه طبيعة ونشأة مجتمعاتنا المحافظة.
وهي دعوة أريد بها إلغاء مفهوم النوع، وهو ما اصطلح عليها حديثاً بالجندرة التي تدعو للمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة وإلغاء أشكال التمييز كافة بسبب النوع.
إن الجندرة في حقيقتها دعوة مناقضة لديننا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، فهي دعوة أريد بها امتهان المرأة التي أعزها الإسلام، وكفل لها كافة حقوقها، وكرمها كما لم تكرمها شريعة من قبل.
دعوة أريد بها إخراج المرأة من ثوب حيائها وعفتها، على غرار ما يحدث في الغرب الذي ادعى أنه يحرر المرأة، بينما هو في حقيقة الأمر يجعل منها سلعة رخيصة، تباع وتشترى عبر الإعلانات التجارية؛ لتجذب الزبائن بجسدها وجمالها، وتصبح فريسة لكل ذئب بشري؛ جعل منها الغرب جسداً بلا روح، وشكلاً بلا مضمون، واهتم بقالبها وغيب عقلها وقلبها وحسها.
ودعاة التحرر والمساواة، سواء كانوا من الغربيين أو أتباعهم من بني جلدتنا، يعلمون تماماً أهمية المرأة، وأنهم إذا أرادوا تفكيك المجتمع الإسلامي أسوة بالمجتمع الغربي الغارق في التفكك الأسري والعزلة الاجتماعية والانحلال الأخلاقي.
فلا بد لهم من تحرير المرأة من قيم الدين ونُظُم المجتمع التي تحفظ شرفها وتصون عفتها؛ لتصبح كالمرأة الغربية، مبتذلة، تفتقد إلى الدفء الأسري والترابط الاجتماعي، كما قال أحدهم: (كأس وغانية يفعلان بالأمة الإسلامية ما لا يفعله ألف مدفع).
فتأثيرهم على المرأة المسلمة يعني إصابة المجتمع في مقتل، والنيل من نصفه المتمثل في المرأة، بل النيل من المجتمع كله؛ لأنها تمثل الأم والأخت والزوجة.
لقد تنكرت المرأة الغربية اليوم لأنوثتها، وصارت تزاحم الرجال حتى في المهن التي لا تتفق مع طبيعتها الفسيولوجية، وأباح لها القانون الغربي أن تقيم علاقات غير شرعية مع من تشاء حتى كثر الأبناء غير الشرعيين.
فقدت الدفء الأسري حين أصبح الرجل الغربي محجماً عن تحمل المسؤولية، وزاهداً في إنشاء بيت أسري قائم على الحياة الزوجية المستقرة ما دامت المرأة مشاعة بالنسبة إليه، يقيم علاقته ويقطعها مع من شاء منهن.
لقد منح الإسلام المرأة من الحقوق والمميزات والعدالة ما لم تمنحه شريعة من الشرائع ولا قانون من القوانين الوضعية، فساوى في التكليف بينها وبين الرجل، فالنساء شقائق الرجال؛ وأوصى بها خيراً، وشدد على معاملتها بالحسنى.
وألزم وليَّها من الرجال بالإنفاق عليها؛ سواء كان أباها أو زوجها أو أخاها، وأراد لها أن تكون كريمة مصونة، فأمرها بالحجاب والستر والحياء والعفاف، ولكن أراد لها دعاة التحرر التبرج والسفور والتفسخ الأخلاقي والسقوط في براثن الرذيلة!
ودعاة الجندرة والمساواة بين الرجل والمرأة عادة ما يضربون على وتر اضطهاد المرأة ووصايا الرجل عليها، مع أنه ليس هناك وصاية عليها بالمعنى الذي يجسدونه.
ولكنها قوامة منحها الخالق عز وجل العليم بخلقه للرجل؛ لتحقيق حكماً جليلة ومقاصد شرعية، وليس لمجرد تفضيل جنس على الآخر على نحو ما يصوره دعاة التحرر والسفور الذين يريدون باستهداف المرأة تحلل المجتمع المسلم وتفككه على غرار المجتمع الغربي الضارب في الفردية والذاتية.
والمشكلة أن كثيراً من دعاة التحرر لا يفصلون بين الحرية والفوضى، فيرون أن من حق المرأة أن ترتدي ما تشاء، وتخرج متى شاءت دون قيود أو ضوابط.
وهذا لا يستقيم شرعاً ولا عقلاً ولا عرفاً؛ فحتى المجتمعات الغربية التي يلهجون بذكرها ويمررون أجندتها تضع ضوابط ومعايير لمجتمعاتها، تفصل بين الفوضى والحرية.
على الرجال والنساء في المجتمع المسلم - على السواء - أن يكونوا على وعي بما يحاك ضد مجتمعهم من مخططات تستهدف عقيدته وأخلاقه، وتسعى لنسف استقراره وتماسكه بدعاوى مبطنة، تحمل السم في الدسم، تحت دعاوى الحرية والتحرر والديمقراطية، وخلف ستار المساواة والعدالة والجندرة.